بيولي يتربع على عرش المستفيدين من انفصال النصر ويحقق مكاسب مالية خيالية
في خطوة فنية ومالية متميزة نجح ستيفانو بيولي المدير الفني الإيطالي في تحويل فسخ عقده مع نادي النصر إلى مكسب مزدوج يجمع بين الهدوء المهني والاستقرار المالي حيث أعلن النادي السعودي رسمياً عن إنهاء العلاقة التعاقدية مع المدرب الذي دفع به إلى الأضواء منذ قدومه الموسم الماضي قبل أن تتكشف تفاصيل الاتفاقية التي تحدث عنها الخبير القانوني الرياضي سعود الرمان فتسلط الضوء على أبعاد مفاجِئة للصفقة
يعود بيولي البالغ من العمر خمسين عاماً إلى إيطاليا بعد أكثر من موسم في دوري المحترفين السعودي قاده خلالها لتحقيق إنجازات محلية جعلت منه شخصية تحظى بتقدير عشاق الكرة العربية ومع رحيله المبكر عن العالمي لم يكن يلوح في الأفق أي انتصار مالي يتجاوز مجرد نهاية التعاقد العادية بل انقلبت المعادلة لصالحه بشكل غير مسبوق ذلك أن العقد الذي تبقى فيه سنة كاملة مقابل مبلغ إجمالي يصل إلى خمسة عشر مليوناً وستمئة ألف يورو قابل للخصم الضريبي بنحو خمسين بالمئة وفق القوانين المعمول بها في الأراضي السعودية وقد كشف الرمان أن صافي ما كان سيحصّله المدرب لا يتجاوز سبعة ملايين ونصف المليون يورو أي أقل بكثير مما ينتظره اليوم مع ناديه الجديد
بعد نهاية عقده مع النصر توصل بيولي إلى اتفاقية مدتها ثلاثة أعوام مع نادي فيورنتينا الإيطالي بقيمة إجمالية تبلغ تسعة ملايين ومئتين ألف يورو يخضع منه نصف المبلغ تقريبا للضرائب وهو ما كان يمكن أن يقلص دخله الصافي إلى أربعة ملايين وست مئة ألف يورو فقط ولكن ما جعل الصفقة تتحول إلى عقد ذهبي هو الاتفاق الذي تضمنته التسوية مع النصر والذي نص على أن يتحمل العالمي كلفة الضرائب المستحقة على العقد الجديد بالكامل وهو ما يعني أن بيولي سيحصل على راتبه كاملاً دون أي خصم ضريبي وهو ما يرفع دخله الفعلي إلى مستوى يفوق ما كان سيربحه لو استمر في الرياض إذ سيحصل على إجمالي التسعة ملايين ومئتي ألف يورو دون نقصان

من الجانب القانوني والمالي تعتبر هذه الخطوة استثنائية فهي نادرة التطبيق في صفقات إنهاء العقود الكروية خاصة في أندية تشهد تقلباً إدارياً مثل النصر الذي يمر في مرحلة إعادة هيكلة مالية وفي المقابل ينجح بيولي في استثمار موقعه التفاوضي للخروج من العقد الأصلي بأفضل صورة ممكنة وهو ما جعل العديد من المحللين يرون أن قيمة المدرب قد تضاعفت بين ليلة وضحاها لما يتمتع به من خبرة أوروبية وأسلوب تدريبي مميز كان نجح في تطوير مستوى بعض نجوم العالمي ومنحهم لمسات تكتيكية جديدة
تقارير صحفية عدة أشادت بذكاء الاستفادة المالية التي حققها بيولي عبر هذه التسوية المبتكرة وأكدت أن النادي السعودي حقق بدوره فراغاً في ميزانيته ضمّن من خلاله بنداً يسمح بتحمل الضرائب على مدربه الجديد قبل حتى الإعلان الرسمي عن اسمه وكذلك أشار بعض الخبراء قانونيون إلى أن مثل هذه الاتفاقيات قد تشكل سابقة في الانتقالات الصيفية المقبلة وربما تدفع بعض المدربين للضغط على أنديهم لإنهاء العقود مع توفير تسهيلات ضريبية مماثلة مما يزيد من كلف تشغيلية الأندية في السعي وراء النجومية الأوروبية
على الصعيد الرياضي يترك بيولي وراءه إرثاً فنياً في النصر ضم بعض النقاط الإيجابية أبرزها وصول الفريق إلى مراحل متقدمة في إحدى البطولات القارية وتقديم أداء هجومي جذاب بخطوط متوازنة كما لفت الأنظار إلى أهمية تنسيق الخط الخلفي مع الوسط الدفاعي قبل الانطلاق للهجوم وهو ما جعله مطلوباً لتدريب فيورنتينا العريق الذي يسعى للعودة إلى مواقع متقدمة في الدوري الإيطالي كما يعوّله أبناء مدينة فلورنسا على استثمار خبرته في بناء فريق قادر على المنافسة على المدى البعيد

من جهته عبر عدد من أنصار النصر ومتابعي الدوري السعودي عن استغرابهم من مدى السخاء المالي الذي انطبع به إنهاء عقد بيولي فما بين تعليق إيجابي يتعلق بتسويته الذكية للنسبة الضريبية وتعليق سلبي يصفها ببذخ مفرط لا يخدم المصلحة الحقيقية للفريق نظراً لحاجة العالمي لتقليص النفقات وبناء فريق وفق ميزانية متوازنة وسط صعوبة المفاوضات الحالية مع لاعبين كبار في السوق الصيفية
في المقابل يلوح في الأفق وجهة جديدة لبيولي حيث سيسعى فيورنتينا للاستفادة من خبرته في تطوير لاعبين شباب وغرس روح الانضباط التكتيكي قبل الانطلاقة المقبلة للموسم الجديد وتظل الأنظار متجهة إلى ما إذا كان في ملعب أرينا دي فلورنسا سينجح المدرب الإيطالي في فرض فلسفة لعبه سريع التحول والضغط العالي التي اشتهر بها في محطات سابقة مع ميلان وليون وغولف أخرى
ما جرى بين بيولي والنصر أن كرة القدم لم تعد مجرد تنافس على المستطيل الأخضر بل امتدت لتشمل صفقات ذكية تقلب الطاولة على الواقع القانوني الضريبي وتدفع بالأرقام بعيداً عن الحسابات التقليدية ويبدو أن المدرب الإيطالي قد وضع يده على الجائزة الكبرى من هذه الصفقة وتصدر المشهد كأكبر رابح في ملحمة الانفصال عن العالمي فيما تبقى على النادي استجابة متوازنة تجاه الأبعاد المالية والفنية لتحقيق التوازن المنشود في المرحلة المقبلة.