ماتانتونو يحلم بإشعال المدرجات ويراه الجميع على قمة النجوم
شهد ملعب فجر الخميس صداماً قوياً بين فريق ريفر بليت وإنتر ميلان ضمن منافسات المجموعة الخامسة في كأس العالم للأندية وكانت الأنظار منصبة على الواعد الأرجنتيني فرانكو ماتانتونو صاحب السبعة عشر ربيعاً الذي تألق مع «الميليوناريوس» خلال الموسم الفائت ووضعه البعض بين مصاف النجوم المستقبليين بعدما لفت الأنظار بمهاراته اللافتة وتسديداته الدقيقة وتمريراته المحكمة قبل الانتقال المرتقب إلى دوريات أوروبا العريقة وبالتحديد ريال مدريد
منذ الدقيقة الأولى حاول ناجي ريفر استغلال جبهة ماتانتونو التي تبدو محاطة بالعديد من النقاد الذين يرون فيها إمكانيات تشبه أسلوب النجم أنخيل دي ماريا الذي صنع المجد في قارة أوروبا وحقق البطولات مع باريس سان جيرمان ومانشستر يونايتد وحقق أغلى الألقاب مع منتخب الأرجنتين غير أن المهمة في مواجهة العملاق الإيطالي تبدو بمثابة امتحان حقيقي لشاب لم يتجاوز عمره العقد الثاني بعد
عقب نهاية اللقاء وصف مدرب إنتر كريستيان كيفو اللاعب الشاب بعبارة أثارت الكثير من الجدل حين قال إنه يذكره بدراما ماريا غير أن الأرقام المخفية وراء هذا التشبيه تكشف أن المقارنة تحمل أكثر من بعد فبينما امتاز دي ماريا بالتحرك الديناميكي بين الخطوط وتغيير مواقع اللعب باستمرار لم يفلح ماتانتونو في تكرار هذه الخطوات أمام دفاع مجرب يضم القائد ليوناردو باستوني وزميله فرانشيسكو أتشيربي حيث بقي مربوطاً على الجانب الأيمن دون أن يختار الانطلاق نحو قلب الملعب أو التمركز خلف رأس الحربة للانقضاض على المساحات الفارغة

عمد مدرب ريفر بليت مارسيلو جاياردو إلى إجراء تعديل تكتيكي غير متوقع بالانتقال من خطة 3-5-2 المعتادة إلى 4-3-3 ما أسهم في دفع ماتانتونو إلى موقع الجناح الأيمن وقلص من فرصه في مساندة بورخا الذي لعب كرأس حربة تقليدي أو كوديليو الذي تحرّك كمهاجم ثان وتبادل الأدوار مع زميله ليشكل تهديداً دائم الجاهزية لخط دفاع إنتر لكن ماتانتونو بدا أقل فتكاً ولم يجد مساحة للتلاعب بين المدافعين الإيطاليين كما اعتاده في الأرجنتين
رغم ذلك لم يغب عن سجلات اللقاء بعض الأرقام الإيجابية فاللاعب سجل أربع محاولات للتسديد كانت إحداها على المرمى ونجح في تنفيذ أربع مراوغات منها اثنتان ناجحتان كما وزع 25 كرة على زملائه بلغت نسبة دقتها 75 بالمئة غير أن خسارته للكرة 17 مرة أظهرت حاجة واضحة لتحسين السيطرة والاتزان تحت الضغط النفسي والعصبي وهو ما تأثر سلباً بعد طرد مدافع ريفر مارتينيز كوارتا في الدقيقة 56 وفرض التراجع العددي الاضطراري مزيداً من الشدّ العضلي على لاعبي ريفر الذين انهاروا في الدقائق الأخيرة
اتفقت معظم التقارير الصحفية على أن الأداء الأول لماتانتونو في أجواء الأندية الكبرى لم يخل من الإيجابيات بينما أطلق البعض تنبيهاً بارزاً بضرورة منح الشاب فرصة أكبر للنمو بعيداً عن أضواء النجومية المبكرة خصوصاً وأن طريق التحول إلى فنون اللعب الأوروبي يحتاج إلى مزيج من سرعة التفكير والقدرة البدنية المثلى والتحكم في الكرات المزدحمة وهو ما يستدعي برنامج تأهيلي بدني إضافي قبل خوض مباريات أبطال أوروبا مع ريال مدريد الذي سيحمل قميصه الموسم المقبل
في الجانب النفسي أكد بعض المحللين أن مقارنة ماتانتونو مع مواطنه دي ماريا قد تشكل عبئاً عليه إذ إن الأسطورة الأرجنتينية حققت إنجازات هائلة وعاشت تجربة احترافية طويلة وإن كانت مسيرة فرانكو تحمل بدايات واعدة فإن المسافة لا تزال طويلة لتحقيق إنجازات مماثلة كما حذر آخرون من تكرار سيناريو انتقالات مواهب شابة مرّت بتجارب صعبة في قلب المنافسات الأوروبية «مثل حالة أردا جولر في موسمه الأول مع ريال مدريد» والتي انتهت بعودة اللاعب المعار مبكراً إلى ناديه الأصلي
ومن هنا تبدو الخطوة التالية لشاب ريفر ضرورة وضع خطة تطويرية شاملة تشمل الجوانب البدنية والتكتيكية والنفسية بجانب تخصيص مباريات ودية أمام مستويات متقدمة قبل الاستحقاقات الرسمية لتدارك النقائص الطفيفة التي ظهرت في مواجهة إنتر ميلان إلى جانب التركيز على الجوانب الفردية كالتحكم بالأطراف والمراوغة في المساحات الضيقة والتمرير بمختلف الأشكال تحت الضغط العالي

ومع اقتراب انطلاقة منافسات بطولة الليغا الإسبانية تتجه الأنظار صوب مشاركة فرانكو منتانتونو الأولى تحت أضواء «سانتياغو برنابيو» وسط جمهور ريال مدريد الذي ينتظر منه الكثير ويثق أن قدراته الفنية تكفي لترك أثر مميز حال تم تدارك النقاط الضعيفة وصقل الأداء في مؤخرة الملعب والسرعة في الاختراق
لقاء إنتر ميلان محطة مهمة في سجل الواعد الأرجنتيني لكنها ليست المحطة الختامية فالمشوار نحو القمة لا يزال في بداياته والتحديات المقبلة ستكون الاختبار الحقيقي لكيفية معاناة اللاعب مع أجواء الاحتراف الأوروبي وتماسكه أمام صدامات أكبر وأقوى في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا فهل يثبت فرانكو أن تشبيهه بأسطورة حية ليس مجاملة زائفة أم أنه سيبقى درباً يحتاج إلى مزيد من التطور والانضاج هذا ما سنعرفه في الشوط القادم من مسيرة نجم المستقبل.